بيان حول الوضع الإنساني في مدينة الفاشر – ولاية شمال دارفور

تتابع منظمة بوادي للسلام والتنمية بقلق بالغ ما تشهده مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور من كارثة إنسانية متفاقمة نتيجة استمرار المعارك منذ ما يقارب العام والنصف، والتي دفعت بما لا يقل عن ثلثي سكان المدينة إلى النزوح القسري خارجها، حيث توجّهت أعداد كبيرة شمالاً نحو قرى محلية مليط، وجنوباً إلى محلية دار السلام وقراها، فيما خرجت الغالبية غرباً إلى محلية طويلة، مخيم دبة نايرا، وصولاً إلى مناطق جبل مرة.

لقد ساهم استمرار الحصار المفروض على المدينة في تفاقم الأزمة، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفاً من النساء والأطفال وكبار السن، بجانب انعدام شبه كامل للغذاء والدواء. وقد أكد مجلس غرف الطوارئ في شمال دارفور في بيانه الأخير وجود نقص كارثي في المواد الغذائية بلغ نسبة 88%، مما يهدد حياة ما تبقى من المدنيين داخل الفاشر.

في الأيام القليلة الماضية، دعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى هدنة إنسانية في مدينة الفاشر، إلا أن هذه الخطوة تظل غير جادة في نظرنا، فقد سبقتها عدة محاولات منذ منبر جدة بداية الحرب، ولم تهدف عملياً إلى إيصال المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة، خاصة وأن هناك أعداداً كبيرة من النازحين في أطراف المدينة حيث تنعدم الأدوية والمواد الغذائية، وتنتشر الأمراض الوبائية مثل الكوليرا بالتزامن مع موسم الخريف، إلى جانب تفاقم معدلات سوء التغذية بين الأطفال، دون أن يجدوا أي دعم أو خدمات إنسانية، مما دفع بعض المدنيين للبقاء في منازلهم لمواجهة مصيرهم.

إننا في منظمة بوادي للسلام والتنمية نطالب المجتمع الدولي بالتحرك الجاد لإنقاذ أرواح المدنيين، وذلك من خلال

  1. الضغط على الأطراف المتحاربة لفتح ممرات آمنة لخروج ما تبقى من المدنيين المحاصرين
  2. . التعهد الجاد بتقديم الدعم العاجل والخدمات الإنسانية الأساسية للنازحين واللاجئين خارج مناطق المعارك.
  • إيصال المساعدات الإنسانية إلى النازحين في محليات شمال دارفور المختلفة، مع التركيز على مخيم دبة نايرا بمحلية طويلة وبقية المخيمات.

إن إجلاء المدنيين الآن مع توفير الإيواء لهم والغذاء والدواء يعد خطوة عملية وأكثر جدية من المحاولات الفاشلة لما يسمى بالهدن، ولنا في العالم شواهد عديدة على نجاح عمليات الإجلاء الإنسانية، مثل إجلاء المدنيين من أحياء حلب بسوريا عام 2016 بجهود الأمم المتحدة والصليب والهلال الأحمر، وإجلاء النازحين في دارفور خلال 2003–2005 بتنظيم الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوداني، وكذلك إنشاء الممرات الإنسانية في ماريوبول بأوكرانيا عام 2022 بإشراف الأمم المتحدة والصليب الأحمر، وعمليات إجلاء المدنيين من مدينة الموصل بالعراق عام 2017 بجهود الأمم المتحدة والهلال الأحمر العراقي. هذه النماذج تؤكد أن الإرادة الدولية قادرة على إنقاذ الأرواح عند توفر الجدية والتنسيق.

إن استمرار الصمت والتقاعس الدولي سيؤدي إلى مزيد من الكوارث الإنسانية، وهو ما يتعارض مع مبادئ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. وعليه، نكرر ندائنا للمجتمع الدولي، والمنظمات الإقليمية، والأطراف الفاعلة بضرورة اتخاذ خطوات عاجلة وحقيقية لضمان وصول المساعدات للفارين من مدينة الفاشر والعمل الجاد لإيجاد ممرات آمنة للمحاصرين داخل المدينة.

منظمة بوادي للسلام والتنمية

27/07/2025